منتدى بتير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى بتير

منتدى خاص بقرية بتير
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حدثتني تلك العيون ......

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Atheel h muamar
انا بعدي عضو جديد
انا بعدي عضو جديد
Atheel h muamar


انثى
عدد الرسائل : 7
العمر : 31
العمل/الترفيه : .................
المزاج : ..............
مزاجي : حدثتني تلك العيون ...... Pi-ca-46
السٌّمعَة : 0
نقاط : 13
تاريخ التسجيل : 01/10/2009

حدثتني تلك العيون ...... Empty
مُساهمةموضوع: حدثتني تلك العيون ......   حدثتني تلك العيون ...... I_icon_minitimeالخميس أكتوبر 01, 2009 8:02 am

حدثتني تلك العيون



بينما أنا جالسٌ في ذلك المطعمِ المترامي على أطرافِ المدينةِ المختبئةِ خلفَ ظلالِ الغربة . و أنا ارتشفُ قليلاً من الشايِ الذي بيدي , انطبعت في عقلي صورةُ امرأةٍ لا يمكن للكلمةِ وصفُ انطباعها , ولا يمكنُ للعقلِِ فهمَ ذلك الانطباع ... صورتها تلتصقُ بعقلي المنهك من شدةِ التعب الذي لا راحة فيه . حاولتُ أن انزع تلك الصورة َالحية َالجامدة َمن عقلي لكنني لم استطع , حاولتُ وحاولتُ مجددا ًإلا أن إصرارها على إرهاقي مازال صامدا ً, حاولتُ أن اقنعَ نفسي الضائعة بين الصورة ِ وعبق ِالأمس والحاضر بأنني تجاهلتها ؛ فوجدتُ نفسي تتجاهلُ تجاهلي لها اقتنعتُ أن الإرهاق والتعب يجبرانني على الاقتناع ِبوجودها ؛ فقررتُ الابتعاد عن المكان ِ الذي أحاطت به هواجسها .

.... جلستُ على مقعدٍ مترامٍ على أطرافِ الشارعِ المنسي خلفَ الضباب , ونثرتُ ما معي من أوراق ٍ عليه , أمسكتُ قلميَ الصغير وبدأتُ برسم صورتها - بعدما استسلمتُ لذلك الإصرار - .

مع أنني لستُ بارعا ًفي الرسم ِكثيرا ًإلا أنني رسمتُ كل ما اتضحَ لي من معالمِها ... ضفيرةُ شعرها الأسودِ الطويل ,الذي رسم عليه الزمان آهاتٍ مبتسمة , وذلك الوجهِ العربي ِالمرهق ِبين الأملِ والتشاؤل في لحظةِ العودة ِمن الأرض ِالمفلوحةِ المسقيةِ بعرقها , وتلك الشفاهُ المخملية ُالتي رُسمت عليها بَسماتِ الآهاتِ التائهةِ بين وردِ النسيان ووطاويط التذكر , وعيناها السوداوان المنهكتان في زوايا الأرض تحت الزيتونةِ الخضراءِ ,لا يمكنك تفسيرهن فهنَ أملٌ في التشاؤم , وفرحةٌ في الحزن ِ , وحزنٌ في الفرحة ِ, هن صمودٌ في الصمودِ ,هن أملٌ المٌ حزنٌ فرحةٌ وطنٌ ضائعٌ بين سراديبِ العالم ِ المنسي خلفَ لفافاتِ الورق . يصحنَ بي هل تتذكرني يا بني؟

بدأتُ بالبحث في بحرِ ذكرياتي العاصفة َ...لحظاتٌ وبدأت الذكرياتُ بالإهلال وبدأت الصورة ُ بالاكتمال تذكرت الزمان ,بدأت ترتسم التفاصيل بدأ المكان بالوضوح .

بعد ان حُكم علينا بأن نكونَ عبيدا ًفي وطننا نستل لقمة َالعيش ِبالعمل ِعندَ مغتصب ِأرضنا. كنا نعملُ في احدِ البيوتِ الفلسطينيةِ المحتلة , الذي تركَ الزمانُ عليه بصمته الهادئة بين الربيع ِ والصيف , الغاضبةِ بين الشتاء ِوالخريف , المنسية ِقبل حزيران المكتئب .وخيط ٌمن شمس تموز الحارقةِ يقتحمُ زجاجَ النافذةِ لينعكسَ على بلاطٍ سَقلتهُ الأيامُ الغابرة لينيرَ آثارَ الزمان واهتراء المكان الذي لازال يحافظ ُعلى هويتهُ التاريخية .

إذا بامرأة ترتدي ثوبا ًفلسطينيا ًمطرز بكل أملٍ وألم ,منسجم مع تفاصيل الموقع المحيط به , مرسوم عليه دالية ًوسنونو و ربيع . تتقدمُ مع ابنتيها الصبيتين , ترقب المكانَ بكل ما فيه من أشجارٍ وأحجارٍ وتراب , تشيرُ بإصبعها المهتزِ إلى زوايا المكان الذي رسمَ تعابيرَ وجهها الطفولي في شيخوختِها ...

بعيونِ السارق ِالمتوجسة ُخيفة ًمن أي حدث ٍصغير , المرتقب كل شخص ٍ وطير ٍوغيمة ؛خوفا ًمن أن يثبتَ إحداهن غرابته عن الأخر . أدركت الطبيبة ُالبولونية ُ - التي غزا النمش الأحمر وجهها الغربي - وجودهن ... ألقى الصمتُ غطاءهُ عليها ,وبنشوةِ المنتصر توجهت إليهن , تكلمت معهن بصوتٍ خافت .ودار بينهما حديث مطول كانت المراة تشير بايديها هنا وهناك بدت لي وكانها تصرخ احيانا واحيانا اخرى كانت تبدو وكانها تستجدي المراة البولونية .

وهنا اهملت كل شيء بجواري بدأت الهواجس تلاحقني ، لماذا اتت تلك المراة الى هنا ؟ ما هو الشيء الذ يجمع بولونية بفلسطينية ؟ ما هو محور الحديث الذي يدور بينهما ؟ و لماذا انتثرت الاصابع في كل مكان ؟ اصابع تشير هنا وتشير هناك . شدني الشوق والفضول الى معرفت شيء من تفاصيل هذا الحديث ازداد تراكم الهواجس في مخيلتي . لم اعد قادرا على التركيز في أي شيء سوى تلك المراة الواقفة خلف البوابة الحديدية ، . تساؤلات لم اجد لها اجابة. كل شيء من حولي اختلف . لماذا؟ و لماذا ؟ ولماذا ؟ اسئلة لم اجد لها أي تفسير ,لم اعد قادرا على التركيز في عملي . اصوات ترتفع قليلا ثم تنخفض ,كلمات لا افهم لها أي معنى ,حاولت ان استرق السمع الا ان المسافة بيني وبين البوابة الحديدية كانت تحول دون ذلك , حاولت قراءة الشفاه والربط بينها وبين الاشارات المتناثرة في كل الاتجاهات فاتضح لي ان حديثهن لم يكن بالعربية ولا بالعبرية بدى لي وكانه بالانجليزية او أي لغة اخرى لم افهمها ولم تكن المراة الفلسطينية نفسها تفهمها لكون الحديث كان موجها لاحدا الفتيات التي كانت تقوم بدور المترجمة .

عجزت عن ايجاد أي اجابة لكن فضول الشباب لم يسمح لي بالاستسلام ، التفت حولي , ااذهب اليهن لاعرف سبب وجودهن ؟ ربما استطيع المساعدة

و من هي تلك المراة المختبئة خلف الثوب ؟ من تكون و لماذا اتت الى هنا ؟ وما الشيء الذي يجمعها بهذه البولونية ؟

ايمكن ان تكون ممن قسى عليهن الزمن وجاءت تفتش عن عمل ؟ هل تبحث عن عمل لنفسها ام لتلك الفتيات ؟

هل تبحث عن شيء مفقود ؟ ام جاءت لتطلب الاستغاثة ؟ هل جاءت تستجدي المراة في شيء ما ؟

ايمكن ان تكون من أولئك النساء ....................؟

فثار الدم العربي في عروقي ، الا ان ثوبها ومنظرها لا يوحي بذلك . فازداد شوقي وفضولي ، وبدأت اغرق في بحر تساؤلاتي الكبير , وحب الاستطلاع يغزو عقلي الشاب . لم اعد قادرا على أي شيء .

كل شيء فيّ اختلف , لون وجهي ، اعصابي , وهتزاز يدي .

ما الذي اصابني ولماذا انا مهتم لهذه الدرجة بوجودها ؟

قلق يحطم جسدي المشوه تحت شمس تموز وارهاق العمل .

تمنيت لو كان بيدي مصباح علاء الدين لما طلبت منه الا الاجابة على تساؤلاتي .

لماذا انخفاض في الصوت ثم علو رهيب , تساؤلات , اعين غاضبة واخرى مبتسمات ,

توقعت كل الاحتمالات في تلك اللحظات .

احسست بان الوقت طويل جدا وان الساعة قد تجمدت كليا

سانتظر حتى تنصرف المراة وتعود تلك البولونية و أسالها من هذه المراة وماذا تريد ؟

ولكن هل ستقول لي الحقيقة , خاصة اذا كان هنالك امر سري .

و بينما كنت لا ازال اغرق في بحر التساؤلات والاحتمالات فتحت البوابة َالحديدية َالتي أعطاها الزمان قوةً وصلابة ًفوق صلابة ِحديدها الصامد, أدخلتهن إلى البيت . وإذا بالحجارة ِتكادُ تحتضنُ الثوبَ بشوق ِ رضيع ٍردّ َ لصدرِ أمه . تفحصت المرأة المكانَ بعيون ٍمشتاقةٍ لكل جزيئاته , وبدأت تشرحُ لابنتيها تفاصيلَ البيتِ العتيق .





- هنا كنا نجلسُ والضيوف, وهناك تحتَ الدالية ِالخضراء , كان أبي يروي لنا حكايةَ ثورةٍ حمل فيها الرجالُ بنادقاً وفؤوس... وهنا كان الطابون وهنا البئر.... وهنا وهنا وهنا وهناك .

جلسنَ في وسطِ البيتِ المحاطِ بأحلام ِالطفولةِ الدافئة ,وذكرياتِ الصبا .

تخيلتُ المرأة َ تتصرفُ وكأنها في بيتِها , للحظات أوحى إليّ شعاعُ نظراتها المنتشرِ في المكان أن حُلمها قد تحقق ,وعادت إلى بيتِها الذي قد ترعرعت فيه , وكأنها لم تتركهُ يوما َ . ظلت كذلك إلى أن دخلت البولونية ُتحمل ُبيدها أكوابَ الشاي وطبق ٍمن الحلوى وابتسمت , وكأنها تقول أنا هنا الأن .

انقلبَ الوضعُ رأساً على عقب , وارتسمت تلك العيونُ التي ارتسمت في مخيلتي اليوم , عيونٌ سوداءَ تبكي بلا دموع , عيون تبين فيها الأسى والألم اختلط َ بها الماضي والحاضرُ والمستقبل؛ ليرسم البيتَ الواقعَ على خارطةِ قلبها وعقلها ... عيونٌ تملؤها الدموعُ الجافة , مع شفةٍ مبتسمةٍ بألمٍ يقتل الأمل , وكأن أكوابَ الشاي تصفعها لتصدقَ أن حلمها لم يتحقق بعد , وهو مجردُ سرابٍ في هذه اللحظة , وأن الأملَ الذي حلَ عليها ليس سوى جرعةِ مهدئ لحالةِ التشاؤم المخيم . تصرخُ أكوابُ الشاي بها وتقول : أنتِ مَن أنتِ هنا ؟ يمكن أن تكونَ الجدران قد عَرفتكِ والبابَ والنافذة , إلا أنك مجردُ عابرةٍ من هذا الطريق , تأخذينَ ما فيّ من شاي ٍ وتنصرفين... استيقظي وامنعي دموعكِ من الانسيابِ في نهرِ الهم السائل . أن حلمك لن يتحققُ بذرفِ الدموع , ابحثي عن مكان ٍ آخر تبكينَ فيه , وأيقني أن الأوطانَ لا تعود بذرفِ الدموع .



استيقظت المرأة ُمن ذلكَ الحلمِ الجميل , وهي في اشدِ حالات ِالحزن ِالمبتسم . الحزن ِالذي لا يمكن للكلمةِ وصفهُ ,حزنٌ أملٌ تشاؤمٌ تشاؤلٌ يهب في التشاؤل .

تمترست الكلمة ُ خلفَ تلك العيون ِالغامضة ِالغاضبة ِالحزينة . التي أدركت أن أشدَ حالات الحزن هو أن تقدرَ على منع ِدمعتكَ المالحةِ من السقوط .

نفسها هذه العيون التي ارسمها اليوم , وإذا بي ارسمُ نفسَ المرأةِ ونفسَ التفاصيل ِ ونفسَ الملامح , وإذا بي ارسم ذلكَ الموقف الذي نقشهُ الزمان في داخلي .

هنا صاحَ بي ذلك الطيفُ المنسي في سراديبِ ذاكرتي

أتذكرتني يا بني ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Atheel h muamar
انا بعدي عضو جديد
انا بعدي عضو جديد
Atheel h muamar


انثى
عدد الرسائل : 7
العمر : 31
العمل/الترفيه : .................
المزاج : ..............
مزاجي : حدثتني تلك العيون ...... Pi-ca-46
السٌّمعَة : 0
نقاط : 13
تاريخ التسجيل : 01/10/2009

حدثتني تلك العيون ...... Empty
مُساهمةموضوع: رد: حدثتني تلك العيون ......   حدثتني تلك العيون ...... I_icon_minitimeالخميس أكتوبر 01, 2009 8:15 am

في انتظار تعقيباتكم راجية منكم نقدا بنائا على ما خطت يداي
دمتم بالف خير
اثيل حسين معمر حدثتني تلك العيون ...... Icon_flower
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حدثتني تلك العيون ......
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى بتير :: المنتديات الادبية :: ملتقى القصص و الروايات-
انتقل الى: